وروى عبدُ الله بن إبراهيم عن زياد المخارقي قال : لمّا حضرت الحسن (عليهالسلام)الوفاة استدعى الحسين بن علي (عليهما السلام)فقال : « يا أخي ،إنّي مفارقك ولا حقٌ بربي جلّ وعّزوقد سقيت السمَّ ورميتُ بكبدي في الطست، وإنّي لعارفٌ بمن سقاني السمَّ ، ومن أين دُهيتُ ، وأنا اُخاصمه الىالله تعالى ، فبحقي عَلَيْكَ إن تكلّمت في ذلك بشيء ، وانتظر ما يُحدثُالله عزّ ذكرهُ فيَّ ، فإذا قضيتُ فغمِّضني وغسِّلني وكفِّني واحملني علىسريري الى قبر جدِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لاُجدِّد بهعهداً ، ثم رُدَّني الى قبر جدَّتي فاطمة بنت أسد رحمةُ الله عليهافادفنّي هناك
وستعلم يا ابن اُمّ أنّ القومَ يظنُّون أنّكمتريدون دفني عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فيجلبون في منعكم عنذلك ، وبالله اُقسمُ عَلَيْكَ أن تهريقَ في أمري محجمةَ دم » ثم وصّى (عليه السلام)اليه بأهله وولده وتركاته ، وما كان وصّى به إليه أميرُالمؤمنين (عليه السلام)حين استخلفه وأهله لمقامه ، ودلَّ شيعته علىاستخلافه ونصبه لهم علماً من بعده
فلما مضى (عليه السلام)لسبيله غسّله الحسين (عليه السلام)وكفّنه وحمله علىسريره ، ولم يَشُكَّ مروان ومن معه من بني اُميّة أنَّهم سيدفنونه عندرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فتجمَّعوا له ولبسوا السِّلاح ، فلماتوجّه به الحسين بن علي (عليهما السلام)الى قبر جدِّه رسول الله (صلى اللهعليه وآله وسلم)ليُجدِّد به عهداً أقبلوا اليهم في جمعهم ، ولحقتهم عائشةُعلى بغل وهي تقول : ما لي ولكم تُريدون أن تُدخلوا بيتي من لا اُحبُّ . وجعل مروان يقول :
يا رُبَّ هيجا هي خيرٌ من دَعَة أيدفن عثمانُ في أقصى المدينة ، ويدفنُ الحسن مع النبي ؟ ! لا يكونُ ذلك أبداً وأنا أحملُ السيف
وكادت الفتنةُ تقعُ بين بني هاشم وبني اُميَّة ، فبادر ابنُ عبّاس الىمروان فقال له : ارجع يا مروان من حيثُ جئت ، فإنّا ما نريد ( أن ندفنصاحبنا ) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لكنَّا نريدُ أن نُجدِّدبه عهداً بزيارته ، ثم نردَّه الى جدّته فاطمة (عليها السلام)فندفنه عندهابوصيته بذلك ، ولو كان وصَّى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآلهوسلم)لعلمتَ أنَّك أقصرُ باعاً من رَدِّنا عن ذلك ، لكنَّه (عليهالسلام)كان أعلم بالله ورسوله وبحرمة قبره من أن يُطَرِّقَ عليه هدْماًكما طرّقَ ذلك غيرُه ، ودخل بيته بغير إذنه
ثم أقبل على عائشة فقال لها : وا سوأتاه ! يوماًعلى بغل ويوماً على جمل ، تريدين أن تُطفئي نور الله ، وتقاتلين أولياءالله ، ارجعي فقد كُفيتِ الذي تخافين وبلغتِ ما تُحبين ، والله تعالىمنتصرٌ لاهل هذا البيت ولو بعدَ حين
وقال الأمام الحسين (عليه السلام)
واللهِ لولا عهدُ الحسن إليَّ بحقن الدِّماء ، وأن لا اُهريقَ في أمرهمحجمةَ دم ، لعلمتُم كيف تأخذُ سيوفُ الله منكم مأخذها ، وقد نقضتُمُالعهد بيننا وبينكم ، وأبطلتُم ما اشترطنا عَلَيْكُمُ لانفسنا
ومضوا بالحسن (عليه السلام)فدفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها وأسكنها جنّاتِ النعيم
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حياً
نسألكم الدعاء