قصائد دعبل
عن أبي الصلت الهروي قال: دخل دعبل بن علي الخزاعي على الرضا عليه السلام بمرو فقال له: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال الرضا عليه السلام هاتها فأنشد:
تجاوبن بالارنان والزفرات ** نوائح عجم اللفظ والنطقات
يخبرن الانفاس عن سر أنفس ** اسارى هوى ماض وآخرآت
فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت ** صفوف الدجى بالفجر منهزمات
على العرصات الخاليات من المها ** سلام شج صب على العرصات
فعهدي بها خضر المعاهد مألفا ** من العطرات البيض والخفرات
ليالي يعدين الوصال على القلى ** ويعدي تدانينا على العزبات
وإذ هن يلحظن العيون سوافرا ** ويسترن بالايدي على الوجنات
وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة ** يبيت بها قلبي على نشوات
فكم حسرات هاجها بمحسر ** وقوفي يوم الجمع من عرفات
ألم تر للايام ما جر جورها ** على الناس من نقض وطول شتات
ومن دول المستهزئين ومن غدا ** بهم طالبا للنور في الظلمات
فكيف ومن أنى بطالب زلفة ** إلى الله بعد الصوم والصلوات
سوى حب أبناء النبي ورهطه ** وبغض بني الزرقاء والعبلات
وهند وما أدت سمية وابنها ** اولو الكفر في الاسلام والفجرات
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه ** ومحكمه بالزور والشبهات
ولم تك إلا محنة كشفتهم ** بدعوى ضلال من هن وهنات تراث
بلا قربى وملك بلا هدى ** وحكم بلا شورى بغير هداة
رزايا أرتنا خضرة الافق حمرة ** وردت اجاجا شعم كل فرات
وما سهلت تلك المذاهب فيهم ** على الناس إلا بيعة الفلتات
وما قيل أصحاب السقيفة جهرة ** بدعوى تراث في الضلال نتات
ولو قلدوا الموصى إليه امورها ** لزمت بمأمون على العثرات
أخي خاتم الرسل المصفى من القذى ** ومفترس الابطال في الغمرات
فان جحدوا كان الغدير شهيده ** وبدر واحد شامخ الهضبات
وآي من القرآن تتلى بفضله ** وإيثاره بالقوت في اللزبات
وعز خلال أدركته بسبقها ** مناقب كانت فيه مؤتنفات
مناقب لم تدرك بخير ولم تنل ** بشئ سوى حد القنا الذربات
نجي لجبريل الامين وأنتم ** عكوف على العزى معا ومنات