منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط

منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط (http://www.noorfatema.com/vb/index.php)
-   اسلاميات - برامج اسلامية, منوعات, دروس ,محاضرات أخلاق آداب إسلامية, مسابقات اسلامية (http://www.noorfatema.com/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي (http://www.noorfatema.com/vb/showthread.php?t=87617)

رسل الصالحي 20-04-2015 09:34 PM

إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي
 
إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين فاطر السموات والارضين جل على عن وصفه الواصفين ونعت الناعتين
والصلاه والسلام على اشرف بريته ومعادن حكمته وتراجمته وحيه والسن ارادته محمد المصطفى وعترته
اللهم صلِ على محمد وآلــه محمد عليهم صلوته ورحماته وبركاته ما دام بريته
واللعنه على ظاليهم وناكرين فاضلهم على قيام يوم الدين

(إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي)

والإنسان وهو مملوك لخالقه ورازقه ومدبِّره لا يمكن أن يجد غِنى ولا قوَّة ولا عزّاً إلا بالتعلق به، والاسترفاد من عطائه،
حيث لا يملك لنفسه وهو العبد المملوك حقّاً وصدقاً بكلِّه مخرجاً من ذلّه من عند نفسه،
ولا تملك الأشياء كلّها مجتمعة له نفعاً أو ضرّاً وهي في العبودية الشاملة مثلُه.
ويعتري الإنسانَ مع ذلّ الإمكان والحاجة والمحدودية ذلُّ الخزي والعار، والتردِّي الخلقي والانحدار، وهو ذلّ المعصية لله عزّ وجلّ، والاستكبار -
الذي لا يكون إلاّ عن سفه وسقوط - على أمره ونهيه وأحكام شريعته، وهو ذلّ يقابل عزّ الطاعة والعبودية الصادقة فيما خُيّر فيه الإنسان وأُقدر عليه،
وهو تخيير لا يُخرج الإنسان المملوك كملاً عن رقيّته وقهره وأسره.
وذلّ المعصية يمكن أن يتبدل إلى عزّ الطاعة، وعزُّ الطاعة قد يُعقبه ذلّ المعصية، والإنسان بما أعطاه ربّه سبحاه من قدرة الاختيا
ر قد يلبس ثوب هذا الذل بسوء اختياره، وقد يخلعه. وقد يتزيّن بثوب ذلك العز بحسن اختياره وبفضل من ربّه،
وقد يقدم على خسارته، وعودته إلى ذلّه وهوانه.
والمناجاة تتحدث عن أن الخطايا ألبست السائل ثوب المذلة "إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي" والخطايا التي نأتيها في راحة بال غير آبهين
هي التي تلبسنا ثوب المذلّة العارضة لأنها تنفصل بالنفس فكراً وشعوراً عن مصدر العزّة وهو الله الذي لا مصدر للعزّة سواه فتفقد كرامتها التي يمدّها بها
ذكر ربّها العظيم واطمئنانها له وتعلّقها به، وتخسر شعور الغنى بعطائه، ولا تجد كفاية، ولا قناعة بما في اليد، ولا قوة ولا حماية تطمئن إليها إذا كانت على صحوة،
ولا رضى بالوجود والحياة وأحوالهما وهي لا تركَنُ إلى الحكمة والعدل واللطف وراء التقدير والتدبير بما غاب عنها من معرفة الله وذكره،
وبما أنساها فعل السيئات من حكمته البالغة وعدله المطلق ولطفه الذي لا نقص فيه.
الخطايا تنحدر بالنفس سريعاً في اتجاه خسَّتها وصغارها، وتُرخصها حتّى في نظر صاحبها، وتذلُّ وتهون عليه فيسهل عليه أن يبيعها بالأثمان الدنيويّة الرخيصة
بعد أن لم يكن لها ثمن في الدين وفي نظره هو نفسه إلا الجنَّة.
والنفس بخطاياها تشعر بحقارتها عند الله سبحانه وهو أعز عزيز، وبغضبه عليها، وأن لا مقام لها عنده فيملكها الشعور بالخزي والعار ومذلّة الإثم بين يديه.
وذِلةُ النّفس عند الله لا يخفّف من ألمها شيئاً في شعور عبد له شيء من الصحوة أن يعترف الخلق جميعاً بعزّتها.
وكيف لا تذلّ نفس بخطاياها وهي تلصقها بالأرض وشهواتها ونزواتها، وتدنو بها من حياة الحيوان ومحدوديتها وضيق أفقها وبهيميتها وضروراتها ومشغلتها،
وتبعد بها عن السماء وهداها وعزّتها وعلاها؟!
ومن جهة أخرى قد اختارت المناجاة إسناد الإلباس لثوب الذلة إلى الخطايا وجعلتها هي الفاعل من دون إضافة هذه الخطايا
إلى المتكلم فلم تقل المناجاة ألبستني خطاياي مع أن المقام مقام اعتراف. كان المتوقع أن يقول الإمام زين العابدين عليه السلام إلهي ألبستني خطاياي،
ولكنه قال إلهي ألبستني الخطايا، من غير أن يسند الخطايا إلى نفسه عليه السلام.
وربما كان ذلك حياء فاختار عليه السلام التدرج للتصريح أخيراً بالتقصير وإدانة النفس وارتكاب الإثم، وليس الإثم المعنيّ ما نقترفه نحن،
وتعرفه حياتنا،وشرحه سيأتي، فيما بعد وقد فرضت في بداية الكلام في المناجاة أن صاحبها غيرُ المعصوم عليه السلام.
اختار المناجي أن يسند حال السوء عنده إلى التباعد فقال "وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي"
وهو تعبير ربما كان أقرب إلى تحمّل المسؤولية من حيث إسناد التجليل إلى التباعد بما هو فعل اختياري، ليأتي التصريح بعد ذلك بتحمل المسؤولية كاملة،
وتسجيل الاعتراف الذي لا غبار عليه بالتقصير عندما جاء التعبير واضحاً جداً "وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي" في إسناد الداعي الجناية إلى نفسه.
"وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي"
يتباعد العبد بأفكاره ومشاعره وهدفه وقوله وفعله بخطاياه عن المصدر الوحيد الذي لا مصدر غيره لوجوده وحياته وخيره ونفعه،
فإن لم يمت قلبه تماماً عند ذلك، ولم يدخل شعوره في غيبوبة كاملة شعر بالفقر المتقع والمسكنة المؤلمة المذهلة حيث لا مُطَمْئِنَ له بالغنى من الاعتماد على نفسه،
ولا من الاعتماد على أحد غير ربّه، فكل غير الله يموت، وكل شيء غير الله إلى أفول، وكلّ الكائنات لا مخرج لها من مسكنتها الذاتية،
وفقر الإمكان إلا أن تنالها من الله رحمة، ويكون لها من لطفه وعطائه رَفْدٌ وإمداد.
وتباعد العبد عن ربّه هو تناقص في قَدْرِه، وهبوط في منزلته، وخسارة من وزنه، وانحدار في ذاته بفعل الخطايا والسيئات التي تُفقده هداه،
وتسلبه صفاء روحه، وتأتي على إرادة الخير فيه، حتى لا تُبقي منه جمالَ معرفة، ولا جمالَ خُلق، ولا طهراً ولا نزاهة،
ولا قصداً راقياً، ولا هدفاً كريماً، ولا نفساً مستقرّة.
وهو تباعد يغطّي الذات منه لباسُ مسكنة يستوعب شعورها "وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتِي".
تباعدٌ ينال بأذاه وألمه وهوانه ووحشته كل مسرب من مسارب النفس، وزاوية من زواياها.
والنفس إذا سكنها الذّل، واكتست ثوب المسكنة، ولم ترجع إلى مصدر عزّها وغناها ارتكبت كل خطأ، وصدر منها كل خبيث،
وتُوقّع لها كلّ شر، وكانت منبع كل سوء، وقادها الضياع من باب ذلّ إلى آخر، ومن طريق مسكنة وهوان وخزي إلى ثان
، ولم يكن منها إلا ورود الهلكات.
"وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي"
القلب الذي نحيا به حياتنا الروحيّة هو غير القلب الذي نحيا به حياتنا الجسدية، والثاني منظور والأول لا منظور ولا محسوس مطلقاً كالعقل والروح.
وبموت العقل الأول يموت الجسد، وبموت القلب الثاني تنتهي الروح وتختفي مظاهرها.
ونعرف أنفسنا أحياء روحيّاً بمظاهر حياة الروح، ويُعرف أحدنا ميّتاً من ناحية روحيّة باختفاء مظاهر الحياة التي تعود إليها.
والقلب الحيّ بحياة الروح تحضر فيه الفطرة، يعرف ربَّه، يُعظّمه، يستحيي منه، يتعلّق به، يقدّمه على غيره، يستغني به عمن سواه،
لا يصرف عنه شيء، يميّز بين كثير من الحق وكثير من الباطل، لا يختار باطلاً على حق، لا يتلكأ عن قبول الحقّ، وتقديمه على الباطل،
يُكبر القيم المعنويّة ويستمسك بها، يغلب الهوى ولا يغلبه الهوى، يُضحِّي بالآخر من أجل الله، ولا يضحي بما لله فيه رضى من أجل الآخر،
ولا يشعُرُ معه صاحبه ما سلمت علاقته بالله، وشعر برضاه بحقارة ولا خسارة، يواصل رحلة كماله على طريق ربّه تقوىً وعبادة وخشوعاً.
وكلما زادت هذه المظاهر وقويت عند العبد كلما دل ذلك على غزارة وقوّة واشتداد في حياة القلب.
وكلما خفي شيء من ذلك، أو تراجع في درجته كلما كان في ذلك آيةُ موت بدرجة وأخرى أصاب القلب.

وقد يعبَّر عن مشارفة الموت بالموت، واقتراب المنيّة بالمنيَّة.
"وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي" تعبير ينسحب على حالة مشارفة القلب للموت.
ولحياة الجسد ما يُبقيها أو يقضي عليها، وكذلك لحياة القلب، وطاعة المولى الحقِّ غذاء لا حياة للقلب بدونه،
وموت القلب بمعصية الله؛ فهي سَمُّه وفيها منيَّته.
وكلّما كان الإنسان ماديّاً بدرجة أكبر، وأقرب في حياته إلى حياة البهائم كلّما كان موت الجسد هو الأعظم عليه،
وكلما كانت حياته روحانية بدرجة أظهر، وكان إنسانيّا، وحضوره الروحي أشد، وعرف حقيقة نفسه، وشعر بقيمة جانب الروح،
وعاش لذة نشاطها، ونوّرت داخله كلما كان أحرص على حياة القلب في بعده المعنوي، و أسخى بحياة البدن من أجل حياته،
وكانت المعصيبة عليه أكبر بأذى يمسُّ هذا المستوى من الحياة.

تتعذب حياة أبي ذر وهو غير معصوم إذا مسّ قلبه فتور في علاقته بالله، بما لا يتأذى لمثله إذا قُطعت يده،
وآخر يرتكب أكبر الجنايات من غير أن يشعر قلبه بأي أذى، أما لو اقتلع شيء من ظفره الذي تصل إليه الحياة لكانت عنده مصيبة كبرى.
وما من جناية على النفس وظلم لها أشد من إضرار المرء بحياة قلبه، والإساءة إليها، والفتك بها، لما يعنيه ذلك من موت الإنسان بمعناه الكبير،
ليكون من بعد منزلته العالية، وفرصه الكبيرة في السعادة الأبدية أضلّ من الأنعام سبيلاً، وفي مستوى حجارة صمّاء يكون معها وقوداً من وقود النّار.
المناجاة في مطلعها شكوى مرّةٌ وعميقةٌ، راجية مؤملة تنطلق من فؤاد محترق إلى الله عزّ جلّ حيث لا مخرج إلا من عنده، ولا يخيب راجيه، ولا يرد سائله.
الشيخ عيسى قاسم

و نسألكم الدعاء

حزينة روحي بغيابك يامهدي 20-04-2015 10:03 PM

رد: إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وال محمد
مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه
مأجورة وفي ميزان حسناتكِ

رسل الصالحي 21-04-2015 12:12 AM

رد: إلهِي أَلْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتِي
 
اللهم صل على محمد وال محمد
الشكر لله و يعافيك اختي


الساعة الآن 04:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir