منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط - خلافات الوالدين...نيران تدمّر دفاعات الأبناء النفسيّة‎

خلافات الوالدين...نيران تدمّر دفاعات الأبناء النفسيّة

تؤثر المشاحنات والعصبية الزائدة بين الزوجين على أبنائهما، لا سيما في مرحلتي الطفولة والمراهقة، وتصيبهم بأعراض مضنية كالشعور بالخوف والتوتر وتنتهي بفقدان السعادة في المنزل. هكذا، تتحوّل الخلافات الزوجية إلى نيران متبادلة تؤثر سلباً على صحة الأبناء النفسية.

--------------------------------------------------------------------------------

تحذّر دراسةٌ مصريّة أُجريت حديثاً من غضب الآباء وتداعياته السلبية على الأبناء. يؤكد الخبير الاجتماعي محمد إسماعيل أن خلافات الزوجين تؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية تصيب الأطفال بالاضطراب والتوتر وترقّق العظام ومتاعب جلدية وغيرها من الأمراض العضوية والنفسية، بل تؤثر أيضاً على مستقبلهم في مراحل متقدّمة من العمر.

أعراض بلا أمراض

ترصد الدراسة أعراضاً مرضية بلا أمراض، تنتج من الضغوط النفسية، وظواهر غريبة يتعرّض لها الطفل مثل الشد العصبي والأنين أثناء النوم تعبيراً عن حالة الرفض أو التمرد أو الضيق من أمور تحدث له في الواقع.

أحد هذه الأعراض صراع نفسي يصاحبه طنين بالأذن وخوف وتوتّر مع صعوبة في النوم، ويزداد هذا الصراع حدّة في فترات النهار وأثناء الدراسة والتقدّم للامتحان، أي أنه قد يتلاشى أو يختفي في أوقات الراحة والاسترخاء والترويح عن النفس.

قد يصاب الأبناء بمتاعب في الجهاز الهضمي لأسباب نفسية وقد يشكو المراهق أثناء فترة الامتحان من مغص حاد واضطراب في القولون ونوبات إسهال وإمساك، فتشخَّص الحالة بأنها قولون عصبي، ويصاحب الأعراض السابقة كافة فقدان للشهية مع الخوف من تناول الطعام وتزداد الحالة شدّة مع الإرهاق الذهني.

تنصح الدراسة بالتخلّص من الأعراض بصورة غير مباشرة من خلال جذب الطفل إلى أمور أخرى بعيدة عن موضوع الشكوى مثل تخصيص وقت للترفيه والاسترخاء مع ضرورة عدم ترك الابن أو الابنة في مثل هذه الظروف، وعدم تكرار كلمات التحذير والتخويف التي تسبّب تلك الأعراض.

كذلك، تؤكد الدراسة أن الحياة الهادئة تعزّز ثقة الأبناء في أنفسهم وتزيل تلك الأعراض المرضية من دون حاجة إلى علاج دوائي، فالاتزان النفسي يمنح الأبناء الطمأنينة ويدفعهم إلى طاعة والديهم والاقتناع بكلامهما عبر حوار هادئ، فالوالدان العصبيان لا يمنحان أبناءهما فرصة للتعبير عن أنفسهم فيلوذون إلى الصمت والدخول في حالات اكتئاب قد تلازمهم طيلة العمر.

أدب الحوار

تعليقاً على الدراسة، يؤكد د. عبد المحسن علام (اختصاصي في الأمراض العصبية والنفسية)، أن الكلمة الجميلة صدقة تطيب بها النفس وهي مفتاح السعادة، وأن على المرأة وضع زوجها على قائمة أولوياتها وبذل كل وقتها للعناية به لأنه أهم إنسان في حياتها، وأن على الزوج أن يكون حنوناً وعطوفاً على زوجته ويبذل أقصى جهده ليشعرها بجمالها وأناقتها ويشهد لها بذلك.

تختلف وجهات النظر بين الزوج والزوجة كون كلّ منهما نشأ في بيئة مختلفة عن بيئة الآخر، ثقافياً واجتماعياً ودينياً ومن حيث التربية أيضاً، فيلقي ذلك كله بظلاله على أسلوب الحوار بينهما، ثم إن الزوجين اللذين لا يجيدان الاستماع الى بعضهما يدفع كلّ منهما الآخر إلى البحث عن إنسان آخر يجيد فن الاستماع.

طريق السعادة

يؤكد خبراء النفس والاجتماع أن الأبوة والأمومة فن وعلم وحنان وأحد أسرار سعادة الأزواج والأبناء الأسرية، وأن اهتزاز صورة الوالدين أمام أبنائهما تلقي بتداعياتها الخطيرة على سلوكهم النفسي وتصيبهم بأعراض مرضية واضطرابات نفسية شديدة.

تقول د. إجلال إسماعيل (أستاذة علم الاجتماع) إن الأبوة والأمومة تحتاجان إلى مهارة للتعامل مع الأبناء في مراحل العمر المختلفة، ولا يتحقق ذلك ألا بتثقيف الوالدين الذاتي، والتعرّف إلى الأساليب التربوية الحديثة لتنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة.

أسهمت وسائل الإعلام، لا سيما التلفزيون بقنواته المختلفة، في تغيير صورة كل من الرجل والمرأة، والمساهمة في بناء صورة مثالية مرغوب فيها، لكنها تختلف عن الصورة الواقعية، ما أدى إلى صراع داخلي بين هاتين الصورتين وإلصاق السلبيات كافة بالآخر من دون محاولة إسهام إيجابية في معالجتها، ما يؤثر على علاقة الزوجين والأسرة كلّها.

ثمة ضرورة لتوفير مناخ صحي يساعد الأطفال ويشجّعهم على الإبداع والتفوّق، كما تؤكد د. فاطمة الزهراء سالم (أستاذة التربية في جامعة عين شمس)، في دراستها {من أجل طفل عربي مبدع}، مشيرة إلى ضرورة الوعي بكيفية استثمار إمكانات أطفالنا وقدراتهم.

كذلك، تتحدث سالم عن منهج للتعامل مع الطفل المبدع يقوم على أساس دراسة الخصائص النفسية والاجتماعية لديه، وتوفير المناخ الصحي والمتوازن للإبداع من خلال التدريب المستمر ودراسة سلوك الأطفال المبدعين وتفريغ شحناتهم الإبداعية من دون أي تدخل إلا بغرض التوجيه والإرشاد بشكل يسمح باعتماد الطفل على ذاته في تخريج أفضل ما لديه من إمكانات وقدرات ابتكارية.

أخيراً، للمؤسسات المجتمعية دور في إرساء قيم التماسك الأسري وطرق التربية من دون أن ننسى دور الأسرة في تنمية الاستقلالية وتحمّل المسؤولية لدى الأبناء من خلال إشراكهم في التخطيط لحلّ المشكلات وتشجيعهم على ما يبذلونه من جهد للتغلب على الصعاب، بالإضافة الى أهمية أن يكون لهم دور في تحمّل مسؤوليات المنزل والمساهمة في الحياة الأسرية كالمساعدة في إعداد الوجبات أو التسوّق وإنجاز مثل هذه المهام بصورة جيدة.