منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط

منتديات نور فاطمة عليها السلام - منتدى نسائي للمرأة فقط (http://www.noorfatema.com/vb/index.php)
-   السعادة الزوجية - عالم الحياة الزوجية - الأسرة و العلاقات الاجتماعية (http://www.noorfatema.com/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟ (http://www.noorfatema.com/vb/showthread.php?t=52826)

زهرة الياسمين 07-10-2011 01:13 PM

الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟


* د. عادل صادق


مساحات الصمت زادت على مساحات الحوار. كنا لا نكف عن الكلام. وكان الكلام هو وسيلتنا لتبادل أفكارنا ومشاعرنا. وكان يقول لي: إن أشد ما يمتعه هو أن يستمع لصوتي ناقلاً أفكاري معبراً عن عواطفي. كان يدمن تحاوراتنا. كان يقول لي: إن ذلك لا يقل متعة عن اقترابنا الكامل، ذروة اللذة تحتاج عقله. كانت تعجبه أفكاري وآرائي، كان يرى فيها إبداعاً وفناً جميلاً وعمقاً. وكان يبادلني الحوار بنفس الحماس، وكنت أتلذذ بسماع صوته. كان أيضاً لا يكف عن الكلام نتكلم في أي شيء: علم، ثقافة، سياسة، مشاكلنا، أحلامنا، حبنا، أولادنا. كان يثري أفكاري بل ويثري روحي أيضاً، وكان هذا في نظري دليل، الاهتمام الكامل المتبادل ولذلك كانت تنتابني لحظات توتر حينما كان ينقطع الحوار دقائق، كان الصمت يقلقني. كان الافتراض الطبيعي عندي هو أننا يجب ألا نكف عن الكلام أبداً مادمنا معاً وجهاً لوجه، لحظات الصمت الوحيدة كانت حينما نجلس نقرأ قبالة بعضنا البعض. ولكننا كنا نقطع هذا الصمت عشرات المرات حول ما كنا نقرأ، ولذلك كان من المستحيل أن يؤدي عملاً متكاملاً بتركيز وأنا معه.
هكذا كنا ولسنوات قليلة.

ثم بدأت مساحات الصمت تزيد تدريجياً ويقل الحوار تدريجياً. وتحتضر الكلمات.

ويزداد قلقي ثم ضجري وتتحرك مخاوفي وأتساءل: هل هو الملل يزحف على حياتنا؟ هل نضبت الكلمات؟ هل سئمت الروح .. ؟ هل فرغ العقل بعد أن فرغ كل محتوياته؟ هل مات الإبداع .. ؟

واستسلمت، لأنه لم يكن عندي أيضاً ما أقوله. ولكنني كنت ألقى اللوم عليه فهو الذي جرني إلى الصمت بعد أن قلت كلماته.

ولكن الحياة استمرت، والغريب أنني لم أشعر بافتقاد أي شيء، لم أشعر بنقص بل درجة الإشباع كانت كاملة ومخاوفي كلها نظرية.

وأخذت أتأمل الأمر بعناية وقمت بتجربة عملية، سجلت في ذاكرتي الكلمات التي تبادلناها في يوم معين منذ الاستيقاظ وحتى أوينا إلى فراشنا، لقد كانت حقاً كلمات قليلة. وقلت لنفسي حقاً لقد طرأ تغير على حياتنا. ولكن يبدو أنه غاب عني أن أتأمل معنى الكلمات وعمقها ودلالاتها التعبيرية. لقد حسبت الكلمات بالعدد لقد كان حساباً كمياً. مع أن الحوارات يجب ألا تقاس بعدد الكلمات، وإنما بالمعاني المتبادلة بعمق الأفكار، واكتشفت أنه غابت عني حقيقة أعم، وفي الثقافة اصبح قادراً على استخدام كلمات أقل ولكن ذات معان ومدلولات أعمق.

وغاب عني أيضاً حقيقة أنه كلما زادت سنوات المعاشرة، وكلمات زاد الاقتراب، وكلما عمقت العلاقة بين إثنين وخاصةزوجين، زادت قدرتهما على التحاور غير المنطوق. أي تصبح هناك وسائل أخرى كلامية بغير اللسان للحوار والتبادل والإحساس، يصبح كل منهما قادراً على قراءة وجه الآخر. بل من متابعة حركة العين ذاتها يستطيع أن يعرف الكثير عما يدور بخلد الآخر. وتصبح الابتسامة أكثر تعبيراً وتأثيراً وكذلك الإيماءة والحركة. وأيضاً السلوك التلقائي والسلوك المقصود.

إنها درجات أقصى من الاقتراب إلى الحد الذي يصبحان فيه كأنهما شخص واحد. ومنطقياً فإن الإنسان لا يتكلم مع نفسه بصوت مسموع. ولكن الحوار يكون داخلياً بين الإنسان ونفسه حوار غير مسموع. وهذا هو ما يحدث بين الزوجين الحبيبين بعد سنوات من الزواج. تصبح حواراتهما غير مسموعة لأنها غير كلامية وغير لسانية.

وهناك شيء آخر أخطر يتعلق بالإحساس. إن إحساس كل منهما بالآخر ينمو ويكبر ويعظم إلى الحد الأدنى الذي لا يحتاج فيه إلى كلمات لنقله والتعبير عنه، إذ يصبح كل منهما في حالة إحساس دائم بالآخر. إحساس كل الوقت، عاطفية حقيقية راسخة مؤكدة، تبعث على الإحساس بالاطمئنان والأمان والاستقرار والثبات والخلود، ولذا تصبح أي كلمات غير كافية للتعبير عن هذه الدرجة من العواطف.

وبذلك يصبح الصمت بليغاً. أي أبلغ من الكلمات. ويصبح للصمت قدرة تعبيرية هائلة، يصبح الصمت معناه قمة الإحساس بالآخر، يصبح الصمت معناه أن كلاً منهما يعيش داخل عقل الآخر، وأن روح كل منهما ملتصقة بروح الآخر.

وهذا يختلف تماماً عن الصمت الذي يقصد به التعبير عن غضب أو رفض أو عداوة أو فراغ بالإحساس. نقلت إلى زوجي هذه الأفكار التي راودتني عن الصمت، فقال لي: كلما مرت بنا السنون ونحن نعيش معاً، ازددت حباً وفهماً واقتراباً، اشتدت بي الرغبة لأفيض وأعبر وأنقل لك ما بداخلي. وبعد أن تكلمنا كثيراً لسنوات وسنوات وأجهزنا على كل القواميس والمعاجم، لم أجد غير الصمت كأبلغ وسيلة للوصول إليك، أي إلى عقلك وروحك. كنت فقط أتأملك في حركتك وسكناتك، كنت أنظر إلى وجهك، كنت أتأملك في داخلي، كنت أطالعك وأنت نائمة، وكان هذا هو حواري معك الذي يشبعني ويسعدني ويثيرني.

ستصمت أكثر وأكثر وماذا سنفعل بوقتنا بعد سن المعاش؟ فقال بصوت طفولي أحبه: إنني أعد العدة لذلك بقراءة العديد من القصص لأحكيها لك، أما عن المحبة فإننا سنتبادلها في صمت.


اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين



منقوووول

البسمات الفاطميه 07-10-2011 03:05 PM

رد: الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلمتي عزيزتي على هذا النثر المميز
بورك فيكِ على جهودكِ الجباره والملحوظه في هذا الصرح الفاطمي
يعيطيك العافيه ..~
آسعدني تواجدي هنا بين صفحاتكِ التي ليس لها مثيل
تحياتي وأحترامي لكِ
البسمات الفاطميه :) ..~

عبير الزهــــــــراء 08-10-2011 01:42 AM

رد: الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
اللهم صل على محمدا وال محمد الطيبين الطاهرين

مشكوره خيتي زهرة الياسمين

:1 (41):

صفية المختار 11-10-2011 09:10 PM

رد: الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
مقال رائع
ومهمة في حياة الزوجين

تغاريد فاطمة 13-10-2011 10:39 PM

رد: الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
اللهم صلي على محمد وال محمد
جوزيتي خير الجزاء
موضوع رائع بمعنى الكلمه
بارك الله فيك
نسالكم الدعاء

محبة لاهل البيت 15-10-2011 10:52 PM

رد: الصمت هل هو الملل الذي يزحف على حياتنا ؟
 
احسنتي وبارك الله بكي


الساعة الآن 02:05 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir